الفنان التشكيلي ثامر داود: وظفت الحكايا السومرية بلغة الرمز .. وضربات اللون الناطقة


فنان تشكيلي اكاديمي الاتجاه متفلسف الهوية ،، متنقل على الدوام ما بين لائحة التاريخ وافرازته الايجابية الخصال ،، مازجاً الماضي وسلالته ونظمه بسلة أمنياته التي رسمها لمستقبل ابناء جلدته للخروج من عنق زجاجة الياس ،، وهو يترجم حميمية الفعال من قصص حضارة وادي الرافدين بعشتارها تارة وتموزها تاره أخرى ،،

معتمراً الابجدية التسلسلية أداة لواقع حال المتغيير الحتمي ،، يعد نتاجه الاخير على قاعه دربونه في عمان معرضه الشخصي الثالث له معرضين سابقين احدهما في بغداد سنة 1986 والأخر على نفس قاعة دربونه بعمان عام 2006 ،، مشروعه القادم (جسر الامل) وهو يشد الرحال صوب ولاية (ديلاوير) الامريكيه للمشاركة بكرنفال اللون الذي يعنى بعذابات ابناء جلدته واثناء زيارتنا لمعرضه الشخصي في عمان ،، كان هذا الحوار:

الفنان ثامر داود ،، هل لك ان تصف لنا المود العام لمنجزك الشخصي الثالث واروقة التفاعلات الحسية والاستدراكيه ما بين اللون وعين المتلقي ؟ جاء معرضي الشخصي الثالث على قاعة دربونه في عمان ،، بدون أي عنوان ،، وجعلت فضاءات العرض مفتوحة للمتلقي كونه هو الفيصل لتحديد هوية الاتجاهات الغرائبيه للاعمال المتداوله ،، واحتوى المعرض على أربعة عشر لوحة فنيه وباحجام كبيرة تراوحت ما بين 180 × 180 سم و 90×90 سم ،، وقد حكى المعرض نماذج لخصال الرموز التاريخيه العراقيه عبر امتدادات أجيالها المتعاقبه الفعل ،، ومعظم الاعمال هي قصص مصغرة لحضارة وادي الرافدين القديمه وتحت الرموز العشتاريه والتموزيه ،، وهذه الرغبه في استقراء الماضي وفق أجندة الحاضر تعيد لنا الارتباط الحقيقي لواقعنا المعاش عبر الاجيال فحب عشتار وتموز ما بين ربوع الأنفس يبحث عن ضالته الحميمية وسط تلاشي أواصر زمننا المتماسك أبداً ، ولكوننا شعبٌ محب للحياه ترانا نتعاطى مع الحب بحزنه وفرحه ،، ومعتركاتنا الحياتيه الأخرى باشعاعاتها المتنوعة بأفراط تام ،، فكان لا بد لي كفنان أودي رسالتي في هذا الزمن الصعب من توثيق الاسرار التاريخيه ورصدها وأظهارها الى النور ثانيه كي تتلاقح الاجندات الواحدة بماضيها وحاضرها وسط رابط مهم بين هذه الثنائية الأزليه الخصال..

هنالك ثمة لغة مشفره على جسد اللوحات ولكن بتعابير اشبه بالوصف الشعري ،، كيف وظفت ذلك؟

صحيح فقد وظفت القصيدة الاسطورة على مبدأ الرمز بين ثنايا العرض وكانت ضربات لونيه متوزعه على سطح اثنى عشر لوحه ما عدا لوحتين لهما طابعهما الخاص ،، فقد رمزت وعلى لسان (بنت سرجون) التي حاكت محيطها بقسرية الوجع ،، قائله ،، (حمُلت سلة الطقوس الى أنانا أشدو ،، ولكن الان لم أعدُ أسكن في المكان المريح الذي أقمته لي ،،، فاذا حل النهار حرقتني الشمس ،، واذا ما حل الليل حدقت بي ريح الجنوب وتحول كل ما يسعدني الى تراب) ،، فتلك لغه الشعريه السومريه فككتها الى خيالٌ آني وشدوت معها تحت لحني العراقي اللحظوي وبدأت أحلل نهاراتها ومساءات عتمتها ،، علنا نصل سوية الى حلٍ جذري لاهلنا الطيبين ممن أفترشوا مسارات اليائس ،، لكنني بدون هذا اليائس والتصاقه الدائم من خلال اعلاني في بداية افتتاح العرض يثقب كل أوزانات السواد والدم على جسد اللوحتين اللتان تمركزا كلازمه للعرض..

مادمنا بلازمه العرض ، هل هاتين اللوحتين هي نقطه التمحور لجذب المتلقي الى حكايتك اللونيه المفعمة بالتاريخ ؟

دعني أوضح مسارات الحوار حيث تبدأ الحكاية غير المتسلسله على جدار العرض فانا جعلت المتلقي هو المتابع الحسي والعيني ازاء الحدث ،، فهذه الاعمال الاربعة عشر هي سلسلة متكاملة لقصة حضارة ممتده لـ 6000 سنه ق.م ،، ولكن حكاياها هي أقرب الى يومياتنا الأنيه التي لا يحجبها ثمه غربال ،، فالحقيقه كما هي بساطه الانسان وتداول المفرده عبر تلك السنون ،، باقية هي هي حد يومنا المعاش هذا ،، فمن خلال هذه الحضارة ، لك انت كمثقف ان تكتب القصه المعاصرة والشعر الحديث ،، والمقال الوصفي بين الحالتين بتطابق أزمنتها الحتميه وهي رؤيه ايجابيه الطباع ،، ويبقى لي كفنان تشكيلي أحس ما يتعرض له بلدي من تقلبات ان ارسم ما شاء ان يكون لي من توثيق لطيبة أهلي عبر امتدادات جذورهم ، بغياب العقد وان اعمل بالمطلق المتاح لفرشاتي والواني وخيالي ازاء هذه الحقب..

أذن ما دام التاريخ هو مصدر (الثيم) المعلنه بين خبايا المعرض ، فلِم لم تسمي منتجك الفني تحت عنوان او داله مباشره ؟

في هذا المعرض وددت ان اكسر حاجز الرتابه والتقليديه السائده في طرح العنوان قبالة المنتج الفني ،، كي أضع المتلقي تحت درس واضح ومفتوح ومعلن وعليه هو ان يكتشف هذه الفضاءات بحرية تامه وله المطلق بالخروج باي عنوان يشاء ازاء هذا الجهد الفني المتواضع ، والذي قدمته من اجل هوية بلد وتراثه ورموزه ومن أجل مستقبل لا بد ان يزدهر ثانيه لما يملكه من اشعاع حضاري وخصال انسانيه قل مثيلها..

عرفناك اكاديمياً في التعامل مع جسد اللوحه ، هل هناك أدوات غير مألوفه اكاديمياً باروقة معرضك الثالث هذا ؟

لقد عملت بروحية السومرين واعتمدتُ (الريليف البارز) ،، ولكن هناك لوحتين فقط هي واقعية المضمون رمزية التعبير الفني كونها تحكي بالمباشر عن واقع رحلتنا الحزينه الأن ،، وهي خليط ما بين السواد ولون الدم ،، ورائحة الموت المجاني الذي ينتشقهُ ابناء جلدتي الطيبين صباح مساء ،، وغير المألوف هو تعمدي ثقب هاتين اللوحتين كي ازرع مكاناً للفرح القادم ،، وكانت هذه الحركه المقصوده كتمهيد لزوار المعرض كي يكملوا ما بدأته من تمزيق لمراحل الاهات والوجع كي يتلاشى تحت اصابعنا مشهد..السواد والحزن ويختفي بهذا اللون القاني ونحن نخط بأناملنا مسيرة عهد الانسانيه الجديد الممتلىء بالسلام والفرح الدائم ..

هل هناك ثمة مشروع أخر بعد منجزك الأخير هذا ؟

مشروعي الجديد المقبل هو المشاركة في معرض فني مشترك مع مجموعه من الفنانين التشكيليين العراقيين والامريكان ، وتحت عنوان (جسر الأمل) والذي سيعرض في ولاية ديلاوير الامريكيه مطلع الشهر القادم ،، ويشاركني المعرض خمسة فنانين تشكيليين عراقيين هم (سيروان باران) و(لامعة الطالباني) و(فاضل الدباغ) و(دلير سعد شاكر) و(كوران الزاندي) و(اسامة حسن) والبقيه المشاركه من التشكيلين هم فنانون امريكان ،، والغاية من هذا المعرض هو تسليط الضوء على ما يعاني الشعب العراقي من ويلات ودمار لايستحقها ،، كونه شعب عريق ونبيل ومؤسس للحضاره الانسانيه ، وقد اكملت لوحاتي الثلاث التي سأشارك بها في هذا الكرنفال الفني المهم ان شاء الله ..
 

دارالدستورالعراقيه 10/3/2008
حوار:قيس الضاحي

Back

 Designed and hosted by ENANA.COM