الفنان العراقي ثامر داود ...أنا,,فنان تجريدي,,بنفس واقعي. *الاختزالات اللونية,,أولى أدوات الاحتراف.*الاحتكاك بالنتاج العالمي,,أداة الفنان الإبداعية.

قيس الضاحي

التقاه في عمان


فنان تشكيلي عراقي من جيل الفن التشكيلي الثمانيني,,تحول من التوثيق الواقعي لعالم فن التشكيل عبر مراه الطبيعة ومحاور الإنسان والبيئة والأزقة البغدادية وشناشيلها,,ليواكب آلة العصر وتقنيته المتطورة,فضربت فرشاته المجسات,,موقدا شموع الحزن بلغة التجريب على الرغم من الألوان المتعددة المكتظة في اغلب أعماله,,فهو يحاكي غربة الروح ومن ثمة غربة الإنسان,,عضو نقابة الفنانين العراقيين وعضو جمعية التشكيليين العراقيين ,,وعضو جمعية الخطاطين العراقيين كان متميزا بين أقرانه من الفنانين وطالبا متفوقا في مشاغل معهد الفنون وكلية الفنون الجميلة ببغداد,,تتلمذ على أيادي كبار فنانوا علم التشكيل في العراق ,,ليصبح نجما في فضاءاته المطلقة.

التقته الدستور في عمان وكان هذا الحوار

*الفنان التشكيلي ثامر داود,كيف كانت بداياتك مع العالم الملون؟

قبل ان انتمي الى السماءات الملونة,,كنت كأي طفل يلهو بعجينة(الطين),,ولكني تميزت على اقراني من أطفال محلتي,,بتكوين أشكال متقنة من وجوه,,لحيوانات,,وكتل هندسية مختلفة,وكانت تبهر الآخرين,,وهذا الإعجاب شجعني في الانتقال من مرحلة اللهو,الى الممارسة اليومية.وقمت بتنفيذ أشكالا أخرى وبتقنية جديدة على الرغم من صغر سني,حيث كنت في( مرحلة الابتدائية).وقد شجعني كثيرا في المدرسة معلم مادة الفنية آنذاك,,من خلال توفير الألوان ,,واخذ بيدي الى حب مادة الرسم ووجهني الى التعامل مع الخيال في الشروع لرسم أي موضوع.وعلمني ماذا تعني اللوحة الفنية,من إنشاء وفكرة,وكان هذا المعلم اسمه(محمد)ويا ليتني التقي به الان لما قدمه لي من خطوط عريضة في مسار فن الرسم.وبدأ مشواري في الرسم مع انتقالي الى المراحل الدراسية الاخرى,,فكنت مغرما بمادة الفحم,والتخطيط على الورق بتلك المادة,حتى دخلت معهد الفنون الجميلة في بغداد,وهي المرحلة الأهم في حياتي الفنية وهي بمثابة تأسيس,كون الطالب في المعهد يتتلمذ على كل الفنون الأخرى وبجانبها فن الرسم وقد عملت هناك في(السيراميك)و(الحرق على الخشب) و(النحت)و (الحرف اليدوية) وكان محترف شامل وأضافه الى الألوان والتخطيط والإنشاء التصويري,وفي فترة الثمانينات كان معهد الفنون الجميلة في بغداد, زاخرا بأساتذة عباقرة, امثال, سلمان عباس, ومحمد مهر الدين, ومحمد علي شاكر, وخضير الشكرجي, وخضر جرجيس, وتركي عبد الامير, ومجموعه اخرى كبيرة متميزة من الاساتذة المختصين بحيث نشعر بجو فني متكامل يجوب اروقة المعهد، ولهؤلاء الفنانين على اختلاف مدارسهم الفنية تأثرهم على الطلبه. وكان كل طالب يروم الدخول الى المعهد يمر عبر تلك البوابات الفنية باختبار القبول,ولذا ترى اغلب الطلبة المقبولين هم من الموهوبين الذين يحتاجون الى صقل موهبتهم أكاديميا.
وقد شاركت في جميع المعارض السنوية التي أقامها المعهد,أسوة بأقراني من الطلبة المتفوقين,,حتى صارت اعمالنا تدخل المحترف وهو مركز الفنون الجميلة ببغداد,,وكانوا اساتذة المعهد هم المشرفون على تقييم الأعمال وإدخالها ضمن حيز لجنة(الجوري)والتنافس في مركز بغداد للفنون.

*على أية معايير تم اختيار أعمالك بانتقالة من طالب معهد الى مركز بغداد للفنون؟

ان عرض أعمالي الى القاعات الخارجية خارج قاعات معهد الفنون الجميلة,اعتمد على التسلسل الهرمي للفنان كوني بدأت مشواري الفني من داخل أروقة المعهد وتميزت في إظهار مكنوناتي اللونية وتعاملت بلغة الروح والحس مع اللون وضربة الفرشاة,,وكان هذا الأساس هو احد المعايير التي من خلالها اختار الأساتذة المعنيين بعض أعمالي للمشاركة في معارض مركز بغداد للفنون وبدوراته المتعاقبة.

*كم معرض شخصي للفنان (ثامر داود) عبر رحلة استمرت أكثر من عشرون عاما؟

كان معرضي الشخصي الأول على قاعة معهد الفنون الجميلة سنة (1986) بعدها, كونت مع مجموعة من الفنانين وهي لا تقل عن سبعة أشخاص (جماعات فنيه) قدمنا بهذه المجاميع عدة مشاركات وعلى قاعات بغداد الفنية وبمواضيع مختلفة,,وعلى قاعات لها باع طويل لتجارب الرواد والشباب,منها قاعة اثر,وقاعة أفق وقاعة أبعاد وقاعة أكد وقاعة حوار وكذلك مشاركتنا في معرض افتتاح معرض قاعة الوان.الى ان جاء معرضي الثاني هنا في العاصمة الأردنية عمان في كاليري (دربونة) سنة (2006) والتي تشرف عليه الدكتورة ميامين الباججي. فكان هناك اختلاف كبير كتجربة بين المعرض الأول في المعهد قبل أكثر من عشرين سنة وبين معرضي الثاني في عمان من خلال إثبات الحضور على الرغم من نجاحي واسمي المأرشف في خانات التشكيليين العراقيين الا ان تجربة(دربونه)هي أضافه فنيه لها اثر في حياتي الفنية خارج العراق.

*الى أي مدرسة فنيه ينتمي (ثامر داود)؟

أنا من نوع الفنانين اللذين يسعون إلى التجريب, كوني أكاديمي بالدرجة الأساس وثقافتي الفنية تحتم علي الاحتكاك بالنتاج العالمي لهذا الفن الإنساني الرائع,ودراستي الفنية اتاحت لي الاختزال, والتسطيح بحيث تترجم ما تعلمناه أكاديميا بان العمل الفني التشكيلي لم يقف عند خامة واحده فقط,,وقد جربت جميع الخامات الفنية,,من(رمل)و(معدن) و (وحفر على الخشب) و (وحرق الخشب نفسه)وحتى العمل على قماشه ممزقة ومزاجها بالخطوط أللونية,وتلصيق ورق (كولاج), اكرلك وزيت, كل هذه الأمور أصبحت خزينا ترجم على جميع أعمالي, مزيج من التجريب يحاكي طيف الخيال، وهذا ما قدمته تحديدا في معرضي الشخصي الثاني في عمان, فقد جسدت خزيني من الأفكار والاختزالات اللونيه والأدوات المعرفية مجتمعه في كل لوحه من لوحاتي وظهرت بإخراج فني مبهر اظهر قضية العراق,ومعاناته عبر سلسله تلك الأعمال,والتي خصصت فيها لوحه لكل (مدينة عراقية) وكان المعرض يحتوي على (37) عملا فنيا,وكل لوحتين كانتا متقاربتان بالموضوع, وعلى الرغم من الألوان الساحرة الا انك ترى لمسات الحزن بين ضربات اللون وتحسسه.

وهل طرحت لمسات حزنك على العراق بشكل واقعي الى المتلقي؟

لقد جعلت من الألوان ان تتسائل,,وعملت وقف اخر ما تعمل به الصالات العالمية في أبعادها المعرفية,حيث نفذت تلك اللمسات بمواد مختلفة ولم اعتمد الفرشاة فقط ,بل اعتمدت على الفرشاة زائدا الروله وأدوات نحت,,فكان أسلوبا مميزا في التجريب والبحث,وبشهادة النقاد أنها أعمالا موزونة لما تطرحه الكاليرهات العالمية, وعملت وفق مبدا ان اللوحة العراقية الذكية والتي ينظر اليها بمنظار ألمصاف الاول عالميا, في فن التشكيل. وهذا التصنيف يحملنا مسؤولية(نحن)كاجيال فنيه متعاقبة لنا اثرنا الجمالي والمعرفي في تلك المرحلة والتي نعتبرها امتدادات متواصلة وهي بمثابة بناء للأجيال بعيدا عن فكرة الغاء أي جيل فني ولكنها امتدادات لجذور ذهبيه في هذا الفن الرائع, وفي العراق على وجه التحديد.

*لك كم هائل من المشاركات في عدة محافل محلية وعربيه وعالميه,,كيف تصنفها لنا؟

كانت بداية مشاركاتي في العراق, حيث كانت المشاركات أشبه بالمواسم الفنية, فكانت أولها في المعرض السنوي لجمعية التشكيليين العراقيين, وهو يوم مهم للتشكيليين العراقيين وهو انعطافه في حياة أي تشكيلي عراقي, كونه (عيد للتشكيليين العراقيين) وهو الاول في اغلب دول المنطقه, لإظهار ما وصل اليه الفن التشكيلي العراقي من مستوى يضاهي العالمية, وقد شاركت في اغلب معارض الفنون ببغداد والتي كانت تعرض في كل صيف من كل سنه, وتشمل معرض للطبيعة والتخطيطات, وكذلك مشاركتي في معارض الجامعه على قاعات كلية الفنون الجميله وهي سنوية ايضا. وهنا العشرات من المشاركات وفي قاعات بغداد المترامية الأطراف, كقاعة أكد وقاعة أفق, وقاعة ابعاد, وقاعة النصر, وقاعة حوار, وقاعات بغداد الأخرى فلكل قاعه ميزتها عن الأخرى وتنافسها بطبيعة العروض وأسماء المشاركين من الفنانين,,أضافه الى مشاركتي في معرض الكرافيك العراقي في العاصمة السورية(دمشق)وعدة معارض اخرى نظمتها منظمة اليونسكو العالمية بالتعاون مع وزارة الثقافة العراقية. والمعارض السنوية لمعهد الفنون والصناعات الشعبية في العراق وهو تقليد سنوي ايضا. ولي مشاركتين الأول في محافظة بابل ضمن معرض جامعة الحله والثاني في معرض محافظة السليمانية شمال العراق, وهناك كم هائل للمشاركات المحلية يقدر بالعشرات من الأعمال.

*من هم رموزك في سماء فن التشكيل العراقي؟

انا اعد الفنان التشكيلي (سلمان عباس) رمزاً فنياً عراقياً, كونه مارس معي واقراني دور الاب الروحي في خانة فن التشكيل, ولم يبخل بعطائه الفني وخبرته وتجاربه الفنية على أي من فنانوا العراق المبتدئين, وحتى المحترفين, فهو رمز العطاء, وننهل من تجاربه. ويبقى رمز اخر شاخصا في ربوع التشكيل العراقي, الا وهو الفنان الكبير(محمد مهر الدين) الذي طور لنا الرسم من مرحلة التنفيذ الى مراحل اخرى ما وراء علم التشريح,والتواصل مع آلية التقنيه العالميه لهذا الفن, وكذلك الفنان (خضير الشكرجي) الذي ابرز لنا البغداديات وازقة بغداد, ومحالها, بحيث يجعلك تشتم من خلال لوحاته رائحة الخبز في شناشيل الازقة البغدادية. فلكل من هؤلاء المبدعين من الاساتذة دور ودور مهم في ايصال خطوات الفن التشكيلي العراقي الى المصاف الاول من خلال تلمذت اجيال من الفنانين واظهار نتائجهم الى الفضاءات المعلنه.

*ما هي (اللازمة) اللونية في معظم اعمالك الفنية؟

انا اعد اللون الاحمر، وهو الشائع في اغلب اعمالي لانه يحاكي صرخات ابناء بلدي حيث الدم المجاني المقدس الذي يراق كل يوم، فلابد ان اجسده في ضربات الفرشاة بعيداً عن الواقعية، بل للمتلقي ان يحس مدى اهتمامي بأنشطار الالوان وامتزاجها، وليس اللون الاحمر فقط، هناك الحزن المجسد باللون الاسود، الذي يطغى على بعض اعمالي ولكنني اضع نافذة تمثل الامل في نهاية المطاف.

*الفنان (ثامر داود) واخر المشاركات الفنية من العاصمة الاردنية (عمان)؟

في بداية هذه السنة كان لي اربعة مشاركات، لحد نهاية آذار الماضي المشاركة الاولى في افتتاح قاعة (قباب) في دولة الامارات العربية المتحدة وفي ابو ظبي تحديداً، وقد شاركت بعملين وبأحجام 90X90 وكذلك مشاركتي في معرض الفن العربي في دولة الكويت في شهر شباط 2007، مع مجموعة من الفنانين العرب وبدعوة من قاعة (الاندى) هنا بعمان، وجاءت مشاركتي بثمانية اعمال، ومعرض في بغداد بعنوان وطن والوان مع الفنانين قيس السندي وجابر السراي في قاعة مدارات برعاية المركز الثقافي الفرنسي بتاريخ 25 /3 / 2007 واخر مشاركاتي في معرض اقيم باليابان بتاريخ 23/3/2007 وهو عن الفن العربي والحمد لله كانت نتائجه طيبة وحققت فيه نجاحات مشهودة، وبشهادة الفنانة اليابانية المشرفة على المعرض (كوجي) والتي زارت عمان مؤخراً.

 

Back

 Designed and hosted by ENANA.COM